عزوو. بقلم أحمد وبيكفي

بعد عدة خطوات سيصل الى الباب الخشبي المكسور ذو الصوت المزعج
مزعج لانه يجعله ينسل من بدنه
 مزعج لانه يرى بعده الطريق
 لم يكن مستعدا لشيء لانه لم يكن مهتما

فتح الباب وصوت سريره يصم أذنه.
واخرج ثلث راْسه وغرته الشعثة تغطي وجه
 وأخذت عيناه السوداوان
تجولان بحثا عن لاأحد
لانه لا يريد أحد

 وبدأ الخروج بباقي أجزاءه
 كمن يُجر من ذقنه

واقفل الباب الذي وجوده كعدمه وراءه
 ومشى مرتعد الخطوات
 خائفا رافعا ثوبه المرقع الطويل بيد
وبيد اخرى يتكئ على الجدار كي يحمي نفسه

عزو هذا كما يلقبونه اهل الحارة
 حنطي البشرة ذو لحية بيضاء يشوبها السواد
 وشعر متفرق في كل الاتجاهات
 طويل ذو ظهر منحني كمن يتحاشى الاصطدام بالأغصان 

وثغره حزين على السن الأمامية التي فقدها

تابع السير الخائف في الحارة الطويلة المطعمة بالزمن

ولم يكن البقال قد فتح دكانه
فقط الفرن كان تنبعثه من داخله نار صغيرة في اول اشتعالها كصبية بدأت الحب

 والبائع يحاول اخراج
الألواح الخشبية ليضعها خارجا
 حتى يتمكن الناس من نشر الخبر الساخن عليها

 ولما دنا منه صاح له البائع ابو سليم :

مرحباااا عزو كيفك شو مافي صباح الخير

فاقترب منه عزو وهو مطمئن
 فقد كان رجلا طيبا بشوشا لا يعيبه
الا بدانته المفرطة ونفسه الذي يلهث كثيرا
 ولطالما كانت إجابته عن بدانته هذه انه يحب تناول العجين قبل الخبر
 وأردف ابو سليم

قرب عزو كيفك

عزو : الحمد لللللله

خرجت سهلة هذه المرة بشكل غريب
 فقد كانت تأخذ حيزا اكثر من التعب

ابو سليم : خود عزو هي رغيف اتنقرش فيه هي اول خبزة اليوم
وضحك

فاخذ عزو الرغيف  كأنه وليده
وهو يشكره بكلمات لا يفهمها غيره
 وتابع محددا وجهته بدون تردد الى بائع الفول
 كي يضع له بعض الحمص المطحون كما اعتاد كل يوم

وحين وصل لم يجد ابو رامز
 ولكن كان ابنه هناك وما أن رأى عزو حتى ضحك ضحكة هستيرية قائلا:

شو شرفت عزو افندي انت ورغيفك

عزو : اي عطيني شوية مسبحة

رامز: لك يخرب بيتك شو راسك كبير لك ما في زكاتك لو سمحت شو شغال عند ياي خلفك انا

وفجأة سمع صوت عريض من خلفه

ابو رامز: ولَك رامز حطلو لعزو من تم ساكت

ودخل  الى المحل من غير حتى ان يلقي التحية

كان معتدا بنفسه جدا
 فالفوال مهنة من المهن التي ندخل مقابل مادي جيد


 ابو رامز:  كيف الشغل يابي

رامز : امام يابي الشغل تمام

وهنا توجه ابو رامز بوجهه الطويل الى عزو
ابو رامز :ليك عزو خود رغيفك ورجاع عالبيت او فوت لجوا المحل
هلا بيطلعو ولاد المدارس وبيبلشو
بعد عدة خطوات سيصل الى الباب الخشبي المكسور ذو الصوت المزعج
مزعج لانه يجعله ينسل من بدنه
 مزعج لانه يرى بعده الطريق
 لم يكن مستعدا لشيء لانه لم يكن مهتما

فتح الباب وصوت سريره يصم أذنه.
واخرج ثلث راْسه وغرته الشعثة تغطي وجه
 وأخذت عيناه السوداوان
تجولان بحثا عن لاأحد
لانه لا يريد أحد

 وبدأ الخروج بباقي أجزاءه
 كمن يُجر من ذقنه

واقفل الباب الذي وجوده كعدمه وراءه
 ومشى مرتعد الخطوات
 خائفا رافعا ثوبه المرقع الطويل بيد
وبيد اخرى يتكئ على الجدار كي يحمي نفسه

عزو هذا كما يلقبونه اهل الحارة
 حنطي البشرة ذو لحية بيضاء يشوبها السواد
 وشعر متفرق في كل الاتجاهات
 طويل ذو ظهر منحني كمن يتحاشى الاصطدام بالأغصان 

وثغره حزين على السن الأمامية التي فقدها

تابع السير الخائف في الحارة الطويلة المطعمة بالزمن

ولم يكن البقال قد فتح دكانه
فقط الفرن كان تنبعثه من داخله نار صغيرة في اول اشتعالها كصبية بدأت الحب

 والبائع يحاول اخراج
الألواح الخشبية ليضعها خارجا
 حتى يتمكن الناس من نشر الخبر الساخن عليها

 ولما دنا منه صاح له البائع ابو سليم :

مرحباااا عزو كيفك شو مافي صباح الخير

فاقترب منه عزو وهو مطمئن
 فقد كان رجلا طيبا بشوشا لا يعيبه
الا بدانته المفرطة ونفسه الذي يلهث كثيرا
 ولطالما كانت إجابته عن بدانته هذه انه يحب تناول العجين قبل الخبر
 وأردف ابو سليم

قرب عزو كيفك

عزو : الحمد لللللله

خرجت سهلة هذه المرة بشكل غريب
 فقد كانت تأخذ حيزا اكثر من التعب

ابو سليم : خود عزو هي رغيف اتنقرش فيه هي اول خبزة اليوم
وضحك

فاخذ عزو الرغيف  كأنه وليده
وهو يشكره بكلمات لا يفهمها غيره
 وتابع محددا وجهته بدون تردد الى بائع الفول
 كي يضع له بعض الحمص المطحون كما اعتاد كل يوم

وحين وصل لم يجد ابو رامز
 ولكن كان ابنه هناك وما أن رأى عزو حتى ضحك ضحكة هستيرية قائلا:

شو شرفت عزو افندي انت ورغيفك

عزو : اي عطيني شوية مسبحة

رامز: لك يخرب بيتك شو راسك كبير لك ما في زكاتك لو سمحت شو شغال عند ياي خلفك انا

وفجأة سمع صوت عريض من خلفه

ابو رامز: ولَك رامز حطلو لعزو من تم ساكت

ودخل  الى المحل من غير حتى ان يلقي التحية

كان معتدا بنفسه جدا
 فالفوال مهنة من المهن التي ندخل مقابل مادي جيد


 ابو رامز:  كيف الشغل يابي

رامز : امام يابي الشغل تمام

وهنا توجه ابو رامز بوجهه الطويل الى عزو
ابو رامز :ليك عزو خود رغيفك ورجاع عالبيت او فوت لجوا المحل
هلا بيطلعو ولاد المدارس وبيبلشو


الجزء الثالث

مت الأن وأحيا غدا

لم يفهم هذا السابح في ملكوت البساطة معناها
 وبقي وحيدا
في غرفته المخضرة من بذور أفكاره
وغفا مسكين الحارة الجميل مثنيا على نفسه
 لا شيء يغطيه الا فكرة الخوف مما رأى
وفي الحلم سكبت في أوردته جرار الكلمات
كانت تتالى كما السيل لتجوب جسده النحيل
 وهو يهتز حتى استفاق مذعورا
ثم ضحك
هذا الأبله الرقيق ضحك
كان يعلم ان في داخله كنز ولكنه مرصود
 وما ان جاءه الخوف العظيم حتى انسابت الحروف واصطفت في ساحات قلبه تعلن الولاء
تمتم وهو يغسل وجهه ( انا ابدع حين أخاف .. أنا لست أنا حين أخاف )
وأسرع ففتح النافذة المفتوحة اصلا من القدم
وصار ينادي على العائدين من عملهم
وعلى الشاردين في ساعة العصر الجميلة
حتى الخفافيش القادمة لتتسلم الليل سمعته
يااا ساكني الروح
هل جربتم الرحيل
وكم بقي من وقت لغزل اخر غيمة
ولكي تصفر اخر ورقة توت
ياااا عابثين بالهديل
مابقي مني
انا الذي تعرفونه
الا هذا القليل
وسكت منبوذ الحي وسكت مع كل شيء
لم يقو احد على رفع نظره ليرى هذا المنادي
وكيف ينادي هذا الجاهل القذر بهذه العبارات المستوحاة من عرق السماء
ولكنه لم ينتظر ان يستفيقوا من صرخة الروح هذه
فاغلق النافذة
المفتوحة اصلا من القدم
وابتسم

الجزء الرابع

صباح يوم أخر  لا جديد فيه
الا السكينة التي استحلت القلب الميت

خرج عزو بدون خوف  ومشى في الوسط تماما
لا شيء يختبئ خلفه
ولا شيء يسير أمامه

مضى واثقا الى مقهى الحي
 وجلس على طاولة خارجية كفرعون على عرشه
ونادى على الجميع

( بعتولي كاسة شاي لهون .. سكر زيادة.. وفيها ورقة عطرة .. الله يرحمك يا أبي شو كنت تحبو هيك )

ساد صمت لدقيقة كان يمامات الشام حطت

ثم انفجر الجميع بالضحك  مما اضطره لينادي ثانية

( شبكم اليوم مابدي اشحد رغيف
بدالو بدّي اشحد كاسة شاي وارجيلة )

وفعلا عاملوه كما مختار الحي
وهو يكتمون الضحكة تلو الضحكة

هدأت روحه ثم اغمض عيناه 
ولكنه وقف فجأة  وصعد على الطاولة
 وهو لايرى الا سوادا كالليل ثم صاح

ربيتم على الذكرى
وربيت على النسيان
فلا شيء يوجعني
ولا انا إنسان
لي موطىء  قدم
في تكايا الزمان
فكل ما مر يوم مر
قلته قد اصبح كان

ونزل وعاد ادراجه وترك الشاي ساخنا كما قلبه

وترك الدهشة في وجوه العاطلين عن العمل
ولكن بين هؤلاء الصامتين تحرك شاب صغير ملابسه وان دلت على الوقار الا انها تزل على الفقر

وأخذ يسال

- من هذا
- هذا درويش الحي اجابه احدهم
- اذا هل يكتب الشعر
شعر شو لك اهبل هاد

ولكن هذا الفتى لم يقتنع فلحق بعزو الى بيته واستدركه قبل الياسمينة بخطوتين

ممكن كلمة يا سيدي ( صرخ الشاب )

هههههه يا شو قلتلي يا سيدي
ثم بدأ يقول

في بعضي  سيد وفي بعضي عبد

اصحو بابتسامة ملك
وأنام بحزن أجير

انا اختلاف الأرواح

انا الكبر الذي يذل
والذليل الذي لا يكبر

فهل ناديتني سيدي
سأجيبك في الصباح اذا
حين أكون ملكا

هنا ابتسم الشاب ابتسامة الفرح بشيء ما
وأخذ يركض كما الهارب من أنثى طلبت الزواج


ووصل الى سياج ضخم لبيت معتق بالمرمر
عليه لوحة نحاسية مكتوب عليها

منزل الاستاذ الشاعر
رفيق الشامي

الجزء الخامس

على عتبات منزل الشاعر  تشم الف قصيدة
ويخيل اليك ان الجدران كلمات
والباب المذهب عبارة عن دواة حبر

دخل الشاب هذه الأيقونة الأدبية وهو يلهث كمن أتى بخبر انتصار اليونان بالحرب

و نزل  من الدور العلوي على
مهل  رجل كبيت شعر على قدمين

كانت ترتسم على هذا المترجل ملامح تولستوي وعلى وجهه ابتسامة شو ومد يده كما أنه نزار يطلب بندقية

سلم هذا الشاعر الكبير على الشاب وقال بهدوء غليونه

ما أتى بك الان ؟

فاجاب الشاب بحماس
( لقد وجدته يا سيدي وكلي امل ان ترافقني غدا
لترى هذا القبس الذي سيضيء جوانب القصر)
(حسنا  ..  ) ونفث بضع ثقافته في غليونه
(سنذهب اليه معا ولكن لا تنسى أن اسمي لا يسمح بأن يهتز ويجب ان يكون ما رأيته في مستوى عبق الكلام الذي أطرز به الكتب) ورمى بضع ورقات نقدية الى الشاب

- أنت اذهب معي غدا يا سيدي ثم احكم بنفسك

وغادر الشاب فرحا بدفء جيبه 

وفي البيت المهترئ ما انفك عزو يرسم على الجدران خطوطا أفقية من الطبشور
وتمتم ..

سأكتب نفسي هنا
سأرسم الضمير الذي مات
سأنقش حلما ضائعا
وأطعم غزالة وأربت على كتف مهر صغير
سأكتب اسمي صغيرا
كي أنسى سريعا

ويبقى مني هذا الطبشور اللذيذ

وفي صباح اليوم التالي
كان الزحام شديدا كما طيور الدوري حين تهاجر
وبدا ان الناس تركوا البلد وتجمعوا في حارة عزو
الذي آفاق على صراخ عالي
فهرع الى الخارج ظنا منه انه كرنفالا ستوزع فيه الحلوى

ولكنه رأى رجال شرطة كثيرين يضعون الشريط حول بيت السيدة سناء
تلك السيدة التي أطعمته مرتين من طبخها
مرة اصابه تسمم
ومرة اخرى حلف إن رآها سيقتلها

اذا لقد ماتت سناء أو قتلت

عرف عزو هذا فاسرع الى الشرطة يحاول دخول البيت

خلوني فوووت أخذ يصيح بنهم ويردد خذي طبقك يا سناء فقد أكلته كله
وقد قلت لكل اهالي الحي كم هو لذيذ

 وبدأ خلجاته تنتفض كما عصفور مبلول
فصاح بالجميع

ما الموت الا قدر
والقدر في شارعنا اعرج
ما الموت الا حقيقة
والحقيقة تختار من يعرفها ولا تعرفه
ما الموت الا بقايا ابتسامتك يا سناء
ما الموت الا وجهك الذي أزاح سحابة من السماء

وفي خضم  هذا الهدير من اللاوعي الذي اصاب
 سواحل قلبه
أتى صوت  راق جدا

( هون عليك وتعال معي)

كلمتان فقط وامسك يده المجرحة ومشيا
كان الشاعر رفيق واثقا لدرجة ان تنطبق عليه لن تخرق الارض طولا
ومشى ويتبعه عزو الذي اختلطت بوجهه مشاعر الدهشة
والخوف
وحين وصلا الى اخر الطريق استدار رفيق على عزو الغائب وقال له

أتعرف من أنا ؟

الجزء السادس

في زحمة الأسئلة البديهية يواجهك سؤال من خلفه باب يفتح على حياة
هكذا أحس عزو بهذا السؤال 
- أتعرف من أنا ؟
أجاب هذا الرث  السؤال بسؤال اخر يحمل معنى الندية بين ورقة خريف مكسرة وبين شجرة الصنوبر الألفية

ضحك الأديب الكبير وردد بقهقهة المدخن الشره

( حسناً قل لي من أنت ؟)

- أنا الذي اتيت من أجله يا سيدي و انت قد لا تعرف حقا من أنا ولكنك تعرف ما تريده من هذا الأنا

تفاجأ رفيق من عمق الكلام المسكوب  وكيف وضعه هذا الساذج في وضع المجيب
فقال له:
(أتجيد الكلام بالفصحى مثلي ....  فأنا منذ عشرون عاما لم انطق كلمة عامية)

- وما هي الفصحى يا سيدي اجاب ببلاهة فطرية لم تعكرها الأيام .

(اتهزأ بي هذا الذي نطقت به الان) 

- لا يا سيدي ولكني لا اعرف ماذا تدعى انا اتكلم ما يخرج من الشريان بدون مسميات

(حسنا حسنا دعك من تفاصيل الحديث وقل لي
كيف تكتب الشعر و الى اي مدرسة تنتمي)

- مدرسة ماذا
انا درست في مدرسة الشارع  وعلمني مختار الحي بصراخه عليي
علمني الأولاد الصغار باستهزائهم بي
علمني  الليل كيف الوحشة
والنهار كيف يكون الوجع
وعلمتني غانية الحي كيف يكون الاحترام المتبادل

(يا هذا ما تتفوه به الان ما هو الا الشعر والنثر والبلاغة ولكن لا يهم من اتيت بهذا .. المهم انك تملك شيئا نادرا وأريده )

هنا التفت عزو  الى حارته التي صارت بعيدة

- لك تعوا لهووون ولاد حارتي شوفو شوصار عندي
قال شي نادر قال

والتفت مرة اخرى لرفيق الصامت وكرر عليه

- قل لي الان ماذا تريد مني او ارحل
انا مولود خارج الوقت وأمامي الكثير الكثير كي لا أفعله

(انا اريد فقط ان أدون كل كلامك الذي  تتفوه به وحتى افكارك الشفهية لنرسم لها جسدا ونوقظها
اريد الحرف الذي قيل والذي لم يقل)

- تريد مني ما لا اعرفه
تريد مني تلك الرعشة التي تخرج الكلام  واللحظة التي ينفجر في قلبي نور فأتكلم
تريد ما لا فهمه ولا اعرف كيف حصل ولماذا
انت يا سيدي تريد حالتي التي اجد فيها حالي
ولكن ... لي شرط

(شرط !!!  وعادت اليه روح كاتب البلاط
شرط ماذا يا هذا ؟)

- ان ترافقني ولا تسألني عن شيء وإلا سيكون فراق بيني وبينك

وفجأة تعالت ضحكت رفيق حتى استغربت مقاعد الطريق التي كانت تمقت وجومه
وصار يهز عزو من كتفيه ضاحكا
(اولا تريد قاربا
ام ستنسى الحوت على الشط)

- يا سيدي يا سيدي يا سيدي كررها عزو
هذا شرطي الوحيد

حسنا يا سعادة السفير عزو
سأكون مرافقك  وسأدون كل ما تقوله لي

(تعال غدا لبيتي  ومعك أوراقك)

- ومعي اوراقي
الا تعلم يا صديقي انه
لا شيء باق
و ان صبايا الحقول ينتظرن
الفراق
تخيل يا نورس الليل
ان هناك من يحضر القهوة للغياب
ويحكي الحكاية للسفر
في وجع مدينة  يخاصم غيمها المطر 

وذهب عزو منتصب القامة كالحور  يجر أذيل الخيلاء
على ان يعود غدا وقد يسأل كم لبثت
 فيقولون بضع يوم

الجزء السابع

احيانا ترتحل الى عالم جديد
لا يحتاج سفرك حقيبة ولا تذكرة سفر ولا مناديل للوداع

تسافر الى عتبة جديدة محفوفة بلا شيء
وهكذا أخذ عزو يلملم نفسه تارة وروحه تارة اخرى يواجه السحر الذي اصابه
ولكنه بقي عزو
بملابسه بابتسامته بخوفه المبالغ

وصل الى البيت وفي مخيلته وجه رفيق كاقطاعي للفكر
و انتهازي لثروات الروح

بالفطرة بالنظرة احس بقتامة ضلوع هذا الكاتب
ودخل الى غرفته وهو شارد الذهن لم يرى ذاك الشيء الذي يقاسمه السرير المهترئ

وما ان دخل في فراشه حتى احس بحرارة غريبة و انحناءات لجسد غريب
كائن ملتو يشبه البلور 
عنق أوزة  .. شعر متناثر كليل هارب من كونه
وخصر منحني كما انحناءة ليلكة

اغمض عينيه ثم فتحهما مجددا
نعم هناك شيء لا يوصف في سريره ولكنه هذه المرة لم يخف بل انتابته نوبة من الضحك الهستيري ارتجت بها ارجاء غرفته البائسة
ثم نظر مرة اخرى وعاود الضحك  يقول

اي لاااااا لهون بس .. هاد يلي بقولو عليه مرا ههههه
وفجأة صمت ونظر بشغف يؤكل

ومد إصبعه يسيرها على ذراع هذه الفراشة الغافية
والتي في الحقيقة لم تكن غافية بل تضحك في سرها من جنون هذا المدعي
ثم استدارت اليه وقالت له
ماذا ؟

وكعادته أعاد السؤال

أنت ماذا

رجل أتى الى ليلته الغبية
كي ينام على حزنه
ثم فجأة وجد صبية

وتسألينني ماذا!!

رجل نسي انه رجل
كأنه المشتري في جمود عواطفه
او زحل
ثم فجأة وجد على مخدته
سوسنة الأمل
وتسألينني ماذا

أنت قولي لي ماذا وماذا وماذا

ضحكت يرقة الليل وقالت
أنا القصيدة

فأجابها مستهزأ
أي طلعي من هالبواب ،، عفوا ،، اخرجي من هذه الأبواب بالفصحى

لا تستغرب أجابت وهي تغطي ما كانت عيناه تنظر اليه

انا فعلا القصيدة

انا التي سكنتك في البيت المهجور

وصرت تتكلم امام الخلق بلساني
انا أسلوبك الجديد بالكلام
و تعابيرك الجديدة
انا كل الرقة في الحرف والدقة في البلاغة والشرود في الخيال

اذا انت من تجعلني أتفوه بما لا افهمه وكأنني سقراط هذا الزمان

نعم أرأيت كل حرف باذخ منك هو أنا وفي الليل آتيك بهيئة حبيبة كي اغسل عنك وجع ما تعانيه
فاطفأ المصباح وهيا

ابتسم عزو ابتسامة رجل جديد وقال ورائها
هيا هيا اريد أن أغرق في بحور شعرك السبعة
وحل الظلام الجميل

الجزء الثامن

لم تكن الشمس في هذا الصباح مصرة على الدخول لفراشه كأنها احست بتعبه الشديد فقررت التمهل وان تنتهي من التغلغل في ستائر الحي ثم تعود اليه

كان عزو تعبا ومبتسما كوليد لا يحمل اي ضغينة ولا يفكر الا بحضن دافئ
استدار  في فراشه كي يربت على كتف الغريبة ويشعرها بالرضا ولكنه لم يجدها
تلمس كل الشراشف ولا اثر الا لبقايا حبر جاف

لقد رحلت القصيدة كما أتت
غريبة من جزر الكلام

نهض كما الرجل  ومشى الى الشباك كما الرجل
وبدأ ينظر للناس المتوافدين على الشوارع
الساعيين لأجل للقمة العيش وانتابته رعشة الصباح الفكرية  فبدأ يصيح

هيا الى جرود الضياع
احصدوا زنابق الوجع
وصلوا في مكاتبكم
كي يزهق الدينار
عطلوا أحلامكم 
وضعوا العصا في عجلات الفرح
وعندما تعودون مساء
قولوا الحمد لله

ثم بدأ بالنزول مسرعا متذكرا موعد رفيق  وهرع الى القهوة وجلس كما المتجاهل
ولم ينتظر طويلا فقد أتى رفيق وبيده مسجل صغير
واوراق وقلم وابتسامة عجز الثعلب عنها

جلسا سويا بدون كلام لمدة ساعة
ورفيق ينتظر عزو ان يبدأ باسترساله المعهود و لكن قاطعهم ولد صغير  يبيع الفجل  فاستوقفه عزو وأخذ واحدة وطلب من رفيق ان يدفع
ثم استدار اليه قائلا

- اتعرف يا سيد رفيق..

ماذا يا عزو اكتب رفيق وهو يشغل المسجل ويبدأ بالكتابة

- اتعرف ان الفجل ألذ من الكمثرى ...

تململ رفيق وقال له ارجوك يا عزو لا وقت لدي لأضيعه
أريد تلك المذهبات التي كنت ترددها

 فانتفض عزو وامسك ياقة الأديب المغرور وصرخ في وجهه :

عندما ارسم بالظل

أنحت تقاسيم وجهها
كأنما القمر طل

واسدل شعرها كانما
الليل حل

وعندما يباغتني النور
تختفي وتنسل في اوردتي
آه كم اعشق هذا المنسل

وتابع برصف الكلام

لو رأيتها يا صديقي كانت شبه انثى ونصف ملاك  وثلث فراشة وكل سحابة
كانت قصيدة تغني عن كل الكتابة

 وضحك رفيق  متسائلا

من هي ؟

- إنها القصيدة لقد نمت معها أمس

حسناً حسناً اعرف ان الموهوبون امثالك تعتريهم رعشة الشعر والهام الكلمات فيعيشون عالما اخر
ولكن اكمل ان ما بدأت به جميل جدا

وهنا اقترب صوت سيارة للشرطة حتى توقفت أمامهم وعزو يتمتم
اجيتو يا شباب قسما عظما ما ساويت شي شو مافي غيري بالحارة
ولكن لم يجيبه احد وقال الضابط الشاب
خدو الافندي وخدو يلي معو وانا لاحقكم عالمخفر

الجزء التاسع

اصابت رفيق قشعريرة الكرامة فكيف وهو الكاتب الكبير دخل في متاهة المشبوهين هذه

 حاول ان يتصل بأحد معارفه لكن لم يسعفه الوقت فركب مع المأفون عزو  كأنهما متهمان بقضية اخلاقية

وفي السيارة  اقترب عزو من اذن رفيق وهمس له

لا تخف
فالضمير مات
وكل الأسود قادم
وكل الوحل آت
ولا ضير ان تخضبت بجسد
ولا ضير ان تعطرت برفات

فأبعده رفيق بيده كم يبعد حيوانا  أليفا سمجا

دعني لوحدي كل همي ان لا يعرفني أحد

وحين وصلا للمخفر ضحك رفيق
فهو كتب مئات القصص عن الطريق الى السجن ووصف آلاف المشاعر المتناثرة فوق قسمات سجين
ولكنه لاول مرة يلمس شيئا جديدا

الإحساس بالظلم والخوف لا يوصف ولا يستطيع اي كاتب ان يجندله
الإحساس بالظلم والخوف يتحدى عبثية درويش وجرأة السياب ورقة نزار ويقول انا وحدي من اصف  نفسي
بواسطة الآه
فإذا حضر الوجع لا كلام

وما ان  دخلا مكتب رئيس القسم حتى انتفض مذعورا :

من السيد رفيق الكاتب الكبير  ماذا تفعل هنا وكيف قيدتموه هكذا
هيا فكوه ..

وأخذ يعتذر منه ويحاول ان يعرف الحقيقة
اما عزو فبقي ينظر بطرف عينه الى الضابط ثم قال له:

اي شو يعني ليش ما تعتذر مني الي كمان

- ضحك الضابط واقترب من شعر عزو الأشعث وقال له:
- شو بدّي اعتذر من قاتل .. اسف يا سيدي القاتل منك السماح القينا القبض عليك لا تؤاخذنا  التوبة
-

- دقيقة بعدها وصمت يلف المكان وعزو اصلا خارج المكان
- طار مع التهمة الى حيث الكوكب الذي لم يكتشف بعد
- رحل الى ابعد ميناء في ابعد بحر
- وقطع الصمت صوت رفيق يتساءل ؟
- قاتل شو يا حضرة الضابط ومين وكيف  انا لا أظن عزو قادر على ايذاء الا نفسه
-
وهنا  عاد عزو من رحلته وقال :
سناء مو هيك .. انت عّم تتهموني بقتل سناء
بس انا ما قتلتها كيف بدّي اقتل الوحيدة يلي كانت انسانة معي
سناء يا سيدي
وهنا عادت له رعشته وعاد ليكمل

قطعة ورد زرعت في تربة الحصى
سقيت بالأيام المرة فما طرحت شيئا
شمها النحل كله و لا عسل يأتي
هي خارجة من درن الجذر
متفرعة للسماء للسماء
وأحيانا يا سيدي تتكاثف لتشكل غيمة
تمطر بكاء

لم يفهم الضابط شيئا ونظر الى رفيق الذي بادره وهو يبتسم :

هل هناك دليل على ما تقوله

اجاب الضابط بغرور اللباس وبوهم الرتبة الزائلة:

الان ليس هناك دليل ولكن سيكون هناك دليل

اليوم سنأخذ أقواله فقط

وحين سمع عزو أخذ يصيح بأعلى صوته:

لا كلام عندي قد مات الكلام
دعوني فقد تأتي قصيدة مرة اخرى
قي الأحلام
أنا لا املك اسئلة ولا أجابات
ان اردتم اسألوا ذاك الحمام

وخرجا سويا ولكن كل في عالم اخر
 ولم يلتقيا الا عندما ربت رفيق على كتف عزو قائلا:

خذ هذه النقود ولا تخف انا ساقف معك لآخر العمر
فأنت هدية السماء لي وكيف اردها .

وعلق هنا عزو ببديهة الشاعر :

كيف اردها وصبايا مرسوم على شفتيه وضحك حتى غاب

 وغاب رفيق ايضا وفي جوفه ضحكة كبرى
فقد ظن ان قلمه شاخ ولكنه طالما أمن بتناسخ الكلمات وسكونها في شيء اخر  وهذا الأخر المسكون 
هو  عزو

الجزء العاشر

هدهد الهواء عزو في طريق عودته الى البيت ولكن أفكاره كانت عاصفة

انا المشرد الهائم على وجهه  الرفيق الدائم للفقر والعوز والسؤال
في غضون يومين تلبَسَني ذاك الخرافي الذي ينطق عني
وصادقني ذاك الكاتب ذو الساعة الذهبية وضاجعت اجمل نساء الارض بيتا بيتا وشطرا شطرا وعجزا عجزا
وفي نهاية المطاف أنا متهم بالقتل

ظلت الخواطر تمشي به الى منزله عوضا عن قدميه حتى استفاق قبل الباب بعدة أمتار على رائحة بن قوية وعطر نسائي
كانهم غسلوا جدران حارته بالكولونيا
وحين دخل والخوف والرغبة يتراهنان على كيفية قضاء هذه الأمسية
رآها تجلس على طرف الشباك تداعب شتلة ريحان
ومن اين أتى اصلا هذا الريحان
وبلحظة كالبرق رأى نفسه مرميا على أرض الغرفة والابتسامة تعلو شفتي القصيدة الأنثى

وهنا ابتسم ولكن قطع هذه الحبال من الثغر للثغر صوت حاد من خلفه:

-عزووو لك عزووووو شبك
فاستدار عزو ليجد جاره خلفه يحادثه

-لك شو فيك عزو  من اول ما فتت الحارة وانا بناديلك وركضت وراك ودفشتك وانت بغير عالم

-هلأ انت يلي دفشتني هوووون خير شو بدك
اجاب عزو غاضبا

-سلامتك عزووو اللي يكبرلك هالعقلات  بس بعتوني اسالك لك من وين هالروايح الحلوة من بيتك لتكون ملاقي شي شغلة ومخبيها علينا

هنا استغرب عزو بخبث وسأل جاره
-هل ترى احد غيرنا في الغرفة؟

قال جاره الطيب :
-لا والله ليش مستني حدا

-لا لا ابدا يلا جار حليق زكاتك انا تعبان وبدي نام بعدين انا اليوم تهموني بقتل جارتنا سناء بقا لا تعصبني

فأصاب الخوف الجار واستدار هاربا من وجه عزو

واستدار عزو  وأخذ يغلق معطفه المعترئ بحركة اغراء بدائية

-كيفك يا قصيدة خانم ؟ سالها ممازحا

-أنا بخير  حبيبي لقد أتيت اليوم لاكلمك ولتخبرني بكل تفصيلة حس اصابتك
هل تلاقت روحك وجسدك اخيرا
هل جاء فكرك من بعيد ليرى قلبك غارقا في الحب
هل انت هو ذاك القديم المبتسم
هل انت رجل فعلا ام ظل إنسان

تحولت السهرة المخملية التي توقعها كما الليلة الماضية الى درس في المنطق
فاجاب القصيدة بسخريته المعهودة:

-اذا نظرت للبعد التالي للهزيمة النابض بعقدة اوديب في البحث عن مكنونات الذات لتقوقعتي في افكارك
 
ضحكت تلك الرقيقة حتى رقص الشباك وقالت له:

-أنا اتكلم بجدية
من أنت الأن ؟

-لا اعرف صدقيني 
احس بطعم جديد في فمي طبعا قبلتك امس مستثناة
ولكن هناك طعم مر حلو 
في بداية مجهول جديد أنا
كأني مدعو على عرس ولا اعرف أأنا العريس ام احد الحضور ام النادل الذي يوصل الجميع لطاولاتهم ثم يغادر
انا عقم في رحم اخضر
و  جندب الليل يلملأ الدنيا صفيرا ثم ينام وحيدا

-ولكني فرح جدا  لاني قابلتك ولو كنت خيال
لاني صرت شيئا يذكر

ولم يكد ينهي حروفه المطعمة بالإحساس حتى قامت القصيدة ووضعت شالها الشيفون على وجه وهي تغادر
وهمست له
-لا تخف كل المدعوين سيصفقون لك وستكون انت صاحب الحفل و سيرمونك بالورد
انت الان شيئا يذكر
فتذكر
انت الان شيئا يذكر
الجزء الحادي عشر

أذان الفجر
الصلاة خير من النوم
هل هي جملة دخيلة على هذه التراتيل 
تسائل عزو كأنه يسمعه لاول مرة

وكأن الصلاة فرضت اليوم على قلبه  أو انه اسلم حين بات يبصر بقلبه

نظر من النافذة فرأى بعض الرجال يحثون الخطا الى المسجد
 فاسرع وتوضأ  ونزل مسرعا ليرافق خط الإيمان ورائهم
وحين وصل الى احدهم همس له:

تريده وتذهب اليه
خذ معك قلبا اخر اذا
فبالشوق الاول ينفطر
قلب
وبالشوق الثاني يفتح قلب
تريده وتذهب اليه
ام انه دعاك
انظر ماذا دهاك
ام انك مثلي أغمضت روحك
حين ناداك

هنا التفت هذا الرجل وابتسم
وأخذ يردد:
كلنا في المعية
كلنا في المعية
واختفى
واختفى كل السائرون الى المسجد
وبقي عزو يسير على أطراف أصابعه
موقنا بانه صار كما قالت له القصيدة
شيئا يذكر

صلى ركعتي الفجر بفاتحة من بكاء  وركوع من بكاء وسجود من بكاء
لقد غرق اليوم بالدمع ولكنه نجا
هو الكائن الوحيد الذي حين غرق نجا

وبقي قرابة الساعتين بعد صلاته  متسمرا في مكانه لا يتكلم  وصحا على رائحة الخبز  فتذكر الجوع
قام عزو تسحبه الرائحة كالمغيب ولكن قبل الوصول استوقفته صورة شخص يعرفه

كان هناك اعلان في الجريدة المعلقة خارج الدكان
وتحت الصورة مكتوب اسمه عزووو
وعبارة مختصرة مذيلة بتوقيع الكاتب رفيق يقول فيه
انتظروني مع روايتي الجديدة عزوووو
سنطوف معا برواية بشكل نقل حي ومباشر 
عزو رواية تفاعلية سنعيشها سويا

وحين دقق عزوووو بالصورة وجدها تشبهه  الا انها بكحل في العينين وبلا تجاعيد في الجبهة وحتى سنه المفقود موجود فيها

فنادى لصاحب الدكان:

- يا ابو عبدوووو

- لك اهلين عزووو كيفك  لا تواخذنا مافي شيبس اليوم

- لك شو شيبس تعا شوف لك هاد انا ولا هاد انا ومو انا

تفاجأ ابو عبدو قليلا ولكنه ربط منطقيا استحالة ظهور صورة هذا الصعلوك في الجرائد فقال لعزووو

- اي بتشبهك شوي بس انت معتر اكتر

وضحك ساخرا وعاد لصف البضاعة على الرف

اما عزو فكانه اقتنع سريعا بكلامه
فهو صعلوك اجل   وتحاشى اي اسئلة لنفسه
ومضى يقول:

قد شبه الي
قد خيل الي
فظننت الرمل واحة
وان القدر أعطى بركة الطين
اذنا  لتصير جبل ورد
قد حسبت وزعمت
وتنكر لي الشك
واقنعني السؤال بانه
عيب ان يطرح على شفتي
ولكن كل مافي الامر
انه خيل الي

و ما درى وهو يسير بانه غير  من وجهته للرغيف  الساخن ذو رائحة الجنة
الى سور الكاتب العظيم
وأخذ يطرق الباب مناديا
اليس انا الذي هو أنا الموشوم عشقا على الجريدة
وهنا فتحت له انثى جميلة جدا ولكن ياللغرابة
كانت تشبه القصيدة

الجزء الثاني عشر

الخيانة في اول خطوة للحب شيء جميل
يختصر مسافات العذاب
ويوفر ضحكات لا معنى لها
وساعات سهد بلا قيمة
فشكرا لانك الخائنة المستعجلة

هكذا همس عزو في اذن الفتاة التي فتحت الباب والتي تشبه حبيبته القصيدة
ولم يلقي بالا الى صراخها في وجهه هل انت مجنون ام ماذا
تابع الى حيث يجلس رفيق بسيجارته المتدلية من شفتيه كطقوس اي كاتب
للكتاب شكل كالختم يعرفون بنواصيهم
قبعة بدون حواف
نظارة للقراءة
قلم خلف الأذن مع ان هذا الطقس مشترك بينهم وبين النجارين
فنجان قهوة بارد
وخلق ضيق وقضبة جبين

وحين التفت رفيق الى جهة عزو التفت بكل طقوسه تلك
وسأله:
- ماذا تشرب .. تعال واجلس
- اشرب !!!! لقد شربت الكأس من على الباب
واستغرب رفيق لهذا فصرخ بالفتاة :
- مايا  يا مايا  ماذا سقيتي ضيفنا
فقاطعه عزو بغضب: 
- مايا من  .. انها القصيدة التي فتحت الباب بالأمس القت دواتها عندي والآن تلم أوراق الحب من عندك
اظنها ستزور أدباء دمشق جميعهم فقد تصير معلقة
ضحك رفيق بقهقهة صفيق جاهل وردد؛
- قصيدة مين يا عمي هي مرتي مايا
تعال واحكي لي ما قصة هذه القصيدة
فروى عزو له عن امرها وكيف انها تشبه مايا لحد لا يصدق
هنا توغل في صدر رفيق الف فكرة  وإحساس وقال لعزو:
- عرفني عليها وكيف تأتيك وماذا تلبس
وهل يهطل الحرف من كعبها كما يقال
هل هناك وشم على كتفها الأيمن

تردد عزو وقال له:
- لن احكي شيئا انها مني وفقط
والآن قل لي استاذ رفيق ما حكاية الإعلان في الجريدة

نظر رفيق لعزو بخيبة امل ولكنه تمالك نفسه وحل عقدة الفولار الذي كان يرتديه وقال له:

- انت يا عزو مهبط الشعر
في كل الف عام هناك مختار  تنزل عليه سحابة فيكون اهبلا ويصبح معجزة
وانت يا عزووو هذا الأهبل المعجزة

كل العلامات المذكورة في هوامش الحطيئة وفي خواتيم دواوين ابو تمام وفي شرح المعري

تصفك تماما لذا سأكون انا طريقك الذي تسير فيه
وكتابك الذي يكتب
وفكرتك التي تُجسد

صمت رفيق منتظرا ردة فعل عزو على انه هو المجدد في الشعر الذي قالت عنه الأساطير
ولكن عزو كان في عالم اخر .. عالم مايا والقصيدة  وقال بلا وعي:
- افعل ما تريد يا استاذ رفيق وانا معك ولكني مازلت اجهل لماذا مايا والقصيدة تتشابهان لدرجة ان خصلة الشعر الوردية الوحيدة هي ذاتها
على كل اذا كنت انا المختار او حتى رئيس البلدية لا فرق
كل ما أريده  ان اتزوج القصيدة 

الجزء الثالث عشر

خلفه القطار ومضى
في محطة خشبية في بلدة ريفيه
لا يوجد بها لا كاهن ولا امام
هناك فقط جرس قديم مرمي على سكة الحديد

هكذا كان حال عزو في الصباح
والسؤال الذي يخامره هو:
ما أنا به هل هو مس شيطاني ام نفحة ملاك وما السبيل الى أن استوعب هذا الموج من الاحاسيس وهذه الأفكار المتدحرجة ككرة الثلج
نزل وهو يتمتم

هبي أني أحببتك
وانا لست بمن اعرف
وأني اريد عناقك
ويداي مربوطتان بحبل سري
من التردد
سأسأل الشمس  اليوم
عن حالي
واخاف ان تغيب نهارا
وسأتيك عند المساء
ولا احمل اسرارا

وحين وصل الى الشارع الكبير
حيث ينتهي عالم الحارة المنسية وتبدأ الأرقام بالتداخل والشوارع  تلتف كالافاعي
والناس ليسوا الناس
لم يجد احد يعرفه حسب ما ساقه ظنه بل وجد وجوه مستغربة  وعيون تنظر بالطرف فقط
كأنهم لا يتنفسون سأل عزو نفسه

ومضى يمشي بين الزحام يبحث عن نفسه الجديدة
لقد قال له رفيق
من الغد انت إنسان جديد
 وتذكر الجريدة
واسرع الى اول حانوت يبيع العطر والجريدة
فناداه على صاحب الحانوت
يا سيدي ياسيدي
ممكن شوف جريدة اليوم
فسمع جوابا من الداخل
ضع عشر ليرات على المنضدة وخذ جريدة وامضي

وفعلا اشترى عزو الجريدة وحملها تارة كمن يحمل طفل صغير
وتارة كمن يحمل زوجته

الى ان وصل لحديقة عامة  وجلس على احد مقاعدها
وبدأ يفتش عن نفسه
أين أنا  ؟
ووجد صورته فعلا وتحتها كل ما قاله ولكن أضيف عليه مقدمة من رفيق مكتوب فيها:
الى من عاقرهم الحرف فاتبعوني
الى من زارتهم روحي بالأمس واغفتهم في فراشهم
اقدم لكم عزوو احد الصعاليك الذي حولته حين تخاطرت معه فكريا من لقيط الحواري
الى شاعر من غمام الكلام
هناك جلسات مطولة بيننا انقل اليه حبري وانا مغمض العينين و يقوله هو كالمردد الأصم الذي لا يسمع ما يقول ولا يعيه
وسأكتب لكم يوميا ما اسميه عزويات

هنا صدقت كل مخاوف عزو البسيطة ولكن لابأس
عن طريق التخاطر او عن طريق الانتحار  المهم انه وجد مصدر  رزق سيعينه على هذه الحياة
ولم تمض لحظة حتى وجد احد الجالسين في الحديقة يتقدم نحوه ويسأله
أنت عزو ؟
- اي نعم سيدي انا  يلي صورتي بالجريدة وهداك بيغمض عيونو بقوم بحكي انا

- رائع جدا .. اذا هي قصة حقيقية التي يرويها الاستاذ رفيق وليست مختلقة من خيالاته  .. اذا انت فعلا موجود
منذ الصباح ... وانا اسال نفسي هل الاستاذ رفيق جن فعلا ام ماذا
ارجوك  ارجوك هل بإمكاني أن اعمل لقاء معك
فانا صحفي في اكبر جرائد العاصمة

اي عميل مين ماسكك اجاب عزو وهو يلف الساق عالساق
 من أنت ؟ ..
- أنا عزو
اشعث أغبر ولكني لم اقسم يوما على الله
رجل قال له الزمن  تنحى جانبا فلا انت من السائرين ولا من القاعدين ولا من النائمين ولا من المستيقيظين
وحتى رجلا اقولها مجازا

طيب ... كيف التقيت برفيق

والله لا اعرف ولكن زوجته تأتيني ليلا وتسمي نفسها قصيدة

ماذا تقول اجاب الصحفي بغرابة شديدة

هذا ما حصل
أتتني وفي ثغرها حقل ورد
وفي جيدها وطن ومجد
ولا اريد صراحة ان اخبرك عن الخد

تردد الصحفي بهاء في تصديق ذلك  وقال حسنا سنلتقي كل يوم هنا وسنتحدث طويلا ولكني يجب ان اذهب لكي لا يفوتني عدد الغد فهناك أشياء واشياء سنكتبها لك وعنك

وعاد عزو الى حارته و عيناه تلحظ جمعا كبيرا وبدا رفيق يدور بينهم كالمذعور
وما أن اقترب حتى هرع اليه صارخا

أين كنت؟

- كنت اتمشى في مدينتي قليلا
تخيل يا استاذ رفيق لقد عرفوني وفوق ذلك اجرو معي لقاء صحفيا

- ماذا من هذا الذي اجرى معك هذا اللقاء ؟

- لا اعرفه ولكنه يشبهك تماما

فهم رفيق القصد
 وتركه وغادر على امل ان يوقف هدا الصحفي عن نشر اللقاء

وسأله أهل الحارة 
لك لقاء شو يا عزووو

فأجابهم بفخر :
ساوولي كاسة شي لأقعد واحكيلكم 


احيانا الصحوة أذى
والغفلة نعمة
والتغابي يورث السعادة

حين علم عزو بحسه الفطري ان براثن هذا الكاتب حادة جدا وأنه سيكون مسلما بكل شيء
روحه عقله قلبه شكله حتى كلماته ستكون ملكا لهذا المشتري الجشع
ولكن ماذا نفعته تراكم الخواطر وآلاف الاحاسيس وماذا أعطاه جسده غير التعب وعقله غير الهذيان
اذا سأسلم بكل شيء حتى الهبة الربانية التي استحلتني فجأة مادام هناك ثمن ولقمة واهتمام

عاد عزو قديما الى مكانه على الطاولة ولكنه وهو يحاول الجلوس بجوار رفيق خطرت به فكرة
كأنها أتت مع إلهامه المتدفق فصاح:

كيف ترضى الجلوس
والوجع مخيف
اما علمت انك
مازلت ضيف
انت الغبي العابث
خفيفا خفيف
هيا أركل كل الخيزران
واستوطن الرصيف

وجلس عزو على الرصيف الموشى بالطين
فاستغرب رفيق و أخذ يجذبه كما الشاة

- لماذا تجلس هنا  ؟ هيا قم فلا وقت لدينا

- صه صه اجاب عزو بخبث البسطاء
ها هي تأتي الكلمات ومعه قوافل من المعاني
كان سيل الحب تحرر من سدوده
فاجلس بجانبي واكتب عني
فلن أعيد الحرف فهو كسمك السلمون انا خرج من مياه خاطري .. مات

امتعض رفيق ولكنه لم يجد بدا من الجلوس بجانبه واجلس الفتاة ايضا لتكتب وعزو يضحك في سره ويقول

خود يلي بدك ياه بس لازم مرمطك شوي

وتابع ولكن بتشنج الملهم الذي اصابته قشعريرة الحب :

- اكتب بسرعة ها قد أتت بثوب دمشق

- اذا ستحكي عن دمشق اجاب رفيق متلهفا ونهر الفتاة لتكتب

في الطريق الى دمشق
قابلني رجل المعطف
البني
احتسى شرابه في المحطة
ورمى بالعلبة كأنها
ماضيه
كأنها عذابه ومافيه

صعدنا سويا الحالمون بدمشق
اللاهثون وراء دمشق

التصق وجهي  بزجاج النافذة
والتصق وجهه برواية
يوميات رجل  غني
كم كان رثا معطفه البني

الركاب الحالمون
ودمشق تمشي نحونا
ونحن واقفون
تدخل في صدورنا
ونحن في غيبوبة
انتظار المسير

كل عتبات الشام
أتت تباعا

أشجار السرو التي تمهد للجنة
تركض نحونا كأطفال الشوارع
بانتظار بائع الحلوى

الحوانيت المتفرقة على مدخل
المحروسة تنحني وتبدأ السلام
وصديقي يقرأ تراتيل
الخوف
جسده يرتعش

قلت للزجاج
عندما تدنو مني
اسواقها المسقوفة
دعني اتخللك وأهرب
الى ارصفة تشبهني
فقيرة مثلي
مهزومة مثلي
فأنا لست بندا لللدخول
بحضن تلك الطاهرة

قال لي صاحب المعطف
هل اقتربنا هل ابتعدنا
ام فقدنا الحس بالزمان
والمكان
وأخذ يشرح لي
كيف سينزل من باب الحافلة
كرجل شاهد فتاته تكشف
عن ساقيها
فارتبك

أو كسيدة أحست بألم في ركبتها
من بعد شلل طويل

وأنا استمع وعيني على بياضها
الأتي من سحب الرب

وسألته

كم هما اضاع بعيدا
عنها
وكم وجعا درس
حتى تخرج من جامعة الذهاب

وكيف حصل على هذا المعطف

سألني
كم أنفا وخدا تركت على زجاج الحافلة
وكم بشرا تتبعت
من خلال النافذة
ولماذا انا عائد الى رقبة
الاوزة
انا يا سيدي الفقير اكثر مني
قد احببت معطفَك البني
فهل أعرتني إياه
لكي اصاب مثلك
بدوار التمني

في الطريق لدمشق
ارى جثثا لعشاق ماتوا حبا
والسبب شهقة
ومجانين يمشون حفاة
كانوا يوما مقتنعين أن لهم السبق
في مصافحة تلك السيدة

في الطريق. الى دمشق
احسست باختلاج صديقي الفقير
وانسكاب روحه خوفا من الاقتراب
وبدأنبضي ينبض بالعذاب

تغير لون أصابعي
تعرق جبيني
برد شديد

وفجأة توقفت الحافلة
وقال لي الرجل الموشوم بالندوب
المحروق الميت الحي

لا أستطيع الولوج اكثر
فانا عند سدرة المنتهى
فاذا أردت ان تصير روحا
فأكمل لوحدك

في الطريق الى دمشق
رأيت مدرسة للملائكة
يتعلمون فيها كيف نفخ الجمال
بشكل صبية
وما فوائد بردى لأمراض القلب
ولماذا سماء دمشق قرمزية

في الطريق لدمشق
لافتة بخط احد الرسل

يا داخلا دمشق
تعلم إن الله عشق

وانتهى الكلام الموشوم بدمشق الخارج من ثغر عزو الواسع
ولكن رفيق  بقي مذهولا في اخر جملة
يا داخلا دمشق
تعلم ان الله عشق

غدا ستجد كل دمشق تردد ما قلته يا عزوو
ولكن ستكون الحروف مذيلة باسمي انا وخذ هذه النقود
فأنا مسرور منك اليوم ولكن قلي كيف وبسرعة اخترقت سحب الكلام وقلت هذا :

فأجاب عزو المذهول والذي كان يغمض عينيه ويفتحها كنوع من الاغراء الرخيص :
لقد كانت خلفي وهمست لي ومسحت شعري
أما رأيتها ؟
- لا من  ؟  ااااه تقصد القصيدة

 -  نعم يا سيدي  زوجتك ... أقصد القصيدة
وضحك  حتى استند على كتف الفتاة وهو يشير بسبابته الى رفيق ويقول

مرتو  . قصيدتي   ..  ويضحك

الجزء الرابع عشر

كالشيخ الذي يتكسب من الدعاء وكالقديس الذي باع أرضا في الجنة وكالقائد الذي كانت أوسمته تساوي الف تاريخ
صار عزو رمزا مشتركا للغيبيات ولتهاليل الادعية الغير مستجابة

فهل يتخذونه وليا
طموح بدء يداعب مخيلة رفيق 
تكية قي قلب دمشق
مئات الأدباء والمفكرين وصانعي القصائد السمر
وهو الوسيط الروحي الذي يبلغ عزو الالهامات السبع
فينطق الشارد الفقير بدون وعي ويهذي بالشعر

مع انه كان مؤمنا بموهبة عزو وبانه فعلا ملهم ولكنه قرر ان يكون الجسر الذي يدغدغ امال الناس

وبدأت اشعار عزو بغزو الأسواق منتج جديد مبارك
فكل عاشق صار يتلو من كلماته على باب محبوبته
و اي حب من طرف واحد شق نفسه نصفين حين سمع الهذيان
وحتى المغادرون للروح غادروها بكلمتين دراجتين على لسان عزو .. ارحل انا وأطفئ في قلبك نار السلام

بقي عزو على معطفه ولحيته الصغيرة وبعض رائحة العفن بطلب من رفيق
فادوات الشاعر الملهم هي  اترك نفسك للعراء
ولكن البس كلامك الديباج

وفي كل ندوة لمفتعلي القصيد كان عزو يهتز ورفيق يهتز ويسجل الحاضرين رشفات الحرف

حالة استثنائية نقلت عزو من الهامش الى منتصف الصفحة وصار هو الكتاب والعنوان والفهرس

اما على مشارف المساء حين يغلق عزو الباب
وتأتيه القصيدة لتشعل القنديل 
كانت الدموع تجري في ازقة الوجع ولم يستطع كف القصيدة الذي يمسح قلبه ان يخفف عنه

على مسافة خطوة
للحياة باب
للموت باب
وللوحدة باب
فادخل يا انا في باب رابع
يودي الى حضنها علي
اعرف من أنا

ألقى عزو هذا الكلام على نفسه واستدار للقصيدة يعاتبها:

- لماذا أتيتني بعدما وشمت الموت على ذراعي وانا انتظره
لماذا فتحت لي مدينة من حلم وانا ليس لدي حذاء اصلا
فكيف اسير اليها
ضحكت القصيدة ولكن بحسرة وهمست له :


- من الطبيعي وانت تخرج من الشرنقة انت تبرد قدماك
ولكن المؤلم في وضعك انك تعود كل مساء لثوب الفراشة القديم
فعليك ان تتحمل صب الإبداع في قلبك
وتتحمل تو جس الناس
وتكمل بصفة البطل نهارا
والمسكين ليلا بعد ان تغلق الباب

لم يقتنع عزو خصوصا انها لم تعد تقنعه بأساليبها المعهودة الأنثوية الرقيقة العفوية  والتي كان ينام بعدها ملء جفونه عن شواردها
بل كانت تكتفي بهمسة حب وهي خارجة الى الغيب

فما العمل
عليه ان يكمل  ويثبت انه راهب في صوامع الحرف

وظن عزو وهو مستلقي على الارض بعد مغادرة القصيدة
انه نام
ولكنه اكتشف انه لم ينم
ففتح الشباك ونادى في جموع الحالمين في الزقاق

ياااا  بشر
من يحتمل ان يكون
في قلبه قمر

واي ظل يسكن الليل لا يرى
واي حقيبة ليس بها صورة ورسالة
ترفض السفر

وقبل أن يغلق الشباك سمع صوت صفير ناعم فإذا  السيدة سارة المقتولة عمدا
تلوح له أن افتح الباب

تمتم المسكين قائلا
ولي مو هي سارة المذبوحة  !!!!


لوقع خطا الشبح على الدرج
موسيقى غريبة

تداعب الروح ترسم ابتسامة على وجه المنكوب حبا

خرافات اهتزاز الصور 
وتأرجح القنديل وفتح النوافذ لوحدها
لم تكن لتحدث  وعزو يملك كل هذه الأجنحة  و يعرف
كل فضاءات النفس وأغوار الأنا

لذا حين وصلت سارة إليه  هرع اليها ومسح قطرات العرق
الأزرق من جبهتها  وصار يتلمس تخثر الجرح

وسألها :
سارة مين قتلك .. وليش جاية هلا لعندي .. صح انا اشتقتلك بس اتصوري .. حكو أني دبحتك تخيلي

واجلسها على ركبته وهي شاخصة بوجهه لا تتكلم ولكنها تتألم

وبدأ يغني لها أهزوجة  من تأليفه الأني :

يدك أعطتني كسرة خبز ونامت
يدك مسحت دمع المآقي
و بعد ان ظننت انها ماتت
جاءت تسألني عن حال أشواقي

ابتسمت الشبح الأزرق الجميل وقالت له بصوت عادي جدا كامرأة تكلم جارتها في حديث الصباح :

- قل لا يا عزوو .. قل لا 
فالنفي له قدسية طائر النار
ارفض اي طريق لا يوصلك اليك
قل لا يا عزووو

فقاطعها عزو لانه يريد ان يعرف بسرعة كيف ماتت ولماذا
فالاشباح تختفي بدون اذن:

- طيب ليش قتلوك يا سارة وانت كنت حمامة الحارة
وجورية لونها اصفر بيجنن

- قتلوني لاني قلت لاااا

- ايوااااا الله يجبر بخاطرك يعني بدك ياهم يقتلوني

هن يقتلوك الان   الموت البطيء يا عزوو 
ستموت ولكن قبرك الدنيا وشاهدتك الوحدة
اما انا فالذي قتلني ... حرفك

وغابت سارة كما توقع الأنسي المسكين
غابت وقطرات عرقها الأزرق صبغت أصابعه بالأسئلة

كان يدرك ان عالمه الجديد ليس عالمه ولكنه كان يهرب مما كان يسميه عالمه

آه يا انا 
حبن تنتقلين من برزخ الى برزخ
وأكون انا صاحب رسالة
و صاحب مصلحة

أكون صاحب مبدأ
وصاحب هوى

أكون محبا للقصيدة
واشتهي ساق امرأة من مخمل

ومضى يمشي الى نفسه كأنه يجوب بلادا جديدة

ظل يفكر بصوت عالي ويبكي بصمت ويسير يسير في عروقه الى ان لاح عطرها من بعيد

فعاد الى جدران غرفته وأخذ ينتظر اقتراب قارورة الزنبق

وحين وصلت القصيدة هرع اليها وعانقها عناق طفل خائف على نفسه

ولكن القصيدة لم تحرك ذراعيها وبقيت ساكنة الى ان ارتجف عزو وابتعد وصرخ بها

من انت ؟

انت مايا زوجة رفيق صح؟

- نعم عزو أنا مايا 

- اسف فكرتك القصيدة بس ليش اجيتي و شو بدك؟

- بدّي قلك بعد عن رفيق   وبس
رجاع عزو يلي بياخد رغيف الخبز وبيهرب  ويلي عندو  قلب بيسع الدنيا

انت صح المختار يا عزوو بس مع رفيق حتنطفى الهالة وتصير بلون التراب

- .. هي تاني حدا بيقلي هيك بس انا شفت دنيا تانية مع رفيق فيها ناس وعالم  وفيها  اهتمام

- متل ما بدك عزو تمتمت مايا وغابت في زحام أفكاره  وعاد  هو الى اصراره على حياته الجديدة جتى لو مات بعد يومان

ومضى يستحضر الهاما جديدا لنهار الغد  ... فهناك الآلاف ممن ينتظرون غيبوبته الشعرية ليكتبو ورائه

ولكنه انتصب فجأة ليتذكر قول سارة:

اما انا فلقد قتلني حرفك

كيف ذلك امعقول ان أسنان الحرف حادة جدا لتقتل
اذا هو فعلا القاتل و لكن كيف يقتل الحرف

الجزء السادس عشر

القاتل مسكين حتى تثبت نبوئته
وعلى الشاعر تدور الرحى

ليس بإمكان قاتل الحرف هذا ان يجد لما يحصل معنى
لذا عليه ان يناضل لكي يجمع بين الضدين
أن يكون تراتيل صلاة على افواه الناس
وأن يكون حر من ظلالهم

قرر عزو ان يكون كما هو ولكن كما يريد مريديه
فنزل مسرعا ليهاتف احد الصحفيين ويحدد موعدا للقاء له وحده  بلا رفيق
بلا مظله الوصاية
بلا مشاعر الأبوة المزيفة

أريد أن انصت للأرواح التي زارتني
وابني كوخا  يمتد للساحل الاخر
وللبحر الاخر
ولعيون لم أرها قط

وجلس ينتظر الصحفي وهو يحضر خطاب استقلاله عن المحتل
هو قادر الأن ان يبني مملكة الشعر بدون انتداب رفيق

ولكن ما ان حضر الصحفي الا وصوت رفيق يرافقه

- هيا يا صديقي عزو لنرى ماذا تريد ان تقول سأغمض عيني
ولنخترق حاجز الخوف والسماء
هيا يا أنا

نظر عزو الى الصحفي الواشي وعرف ان رفيق اكبر مما يظن بل اكبر من الوطن نفسه

ثم أغمض عينيه وتلاه رفيق بالسكون المصطنع

وبدأ عزو يتمتم ويرجف
رجفا حقيقا بلون الدم:


- لقد حضرت الأرواح الثلاثة الان
سارة المورقة بالدم
ومايا المنسية على كتف الاختناق
وروح جديدة بملامح مساعدة رفيق  ترتدي ثوب النار

وازداد احتقان عزو حتى غاب عن الوعي الوجودي و صار يردد :

- في القبو أكون رطبا لم تراه مريم
في الحديقة اتكسر مع ورق الخريف
و على أكوام النفايات ازرع عرق انثى

هو غياب الهواء
هو  دم غزال شارد
هو  اشتعال الروح والجسد

ثلاثة من شذرات الموت
ناموا في كوخ الحكاية

وفتح عزو عينيه ليرى استغراب الصحفي من هذا الهذيان
ويرى انفجار بركان جزر رفيق الكبرى
رأى خوف طفل من خيالات الليل
و آلاف الشهب تحرق صدر رفيق  ثم تنطفئ

نظر الاثنان لنفسيهما ولكليهما و للجدل الصامت الذي أخذ يدور بينهما
ولا يسمعه الا من كان في حضرة الموت

رفيق قاتل الفتيات الثلاث
قاطف الورقات الثلاث
صائد الفراشات الثلاث

هناك الف سؤال كيف ولماذا ولكن المهم في حالة الاستغراق هذه ان عزو وصل للحقيقة الكبرى من قبل ان يسير اليها  ولا ضير من تأجيل اسئلة النوايا طالما عرف  ختام الطريق

ولكن كيف سيكون الغد
عزو الطيب المتشنج المسكين الغائب في حضرة الملكوت
ورفيق  القاتل المنسل من سلالة ابليسية الحاصل على جنسية الشر بتفوق

وختم الموقف الخارج عن اطر الزمن
خام بضحكة كبرى من عزوووو
اقترب وعانق رفيق  عناق الرفيق
عناق الخوف من نفس المصير

الجزء الثامن عشر

اهرب الى حيث حتفك
وابحث عن قبرك كي تتجنبه
لا تغمض عينيك على سكك القطار
شاهد الموت واقتحمه ثم غادره مسرعا

هذه كانت الخطة الآنية التي وضعها عزو بعدما عرف ختام الحقيقة وبقي عليه ان يعرف الطريق الذي سلكه الأجل
و كيف تسكع الموت حتى دنا من اليرقات الثلاث

حين أتى المساء كان الخوف والحذر قد لبس عزو معطفا
فقرر ان لا ينام في غرفته وساقته قدماه الى الفرن
وقف امام ابو رامز المغبر بياضا من الطحين فبادره عزو:

- اي ناقصني اشباح شو عامل بحالك ابو رامز

- ولا شي عّم اتحمم بالطحين بركي ببيضلي شوي
اجاب ساخرا وتابع عمله

- ابو  رامز ممكن نام اليوم بالفرن

استغرب الفران الكبير لهذا الطلب وخصوصا ان عزو صار شيئا يذكر ولكنه قرر القبول ليس حبا
بل خوفا من تشنجات عزووو وصولاته في عالم الغيب

- طيب عزو فوت ونام على هالكياس واكتبلي شي قصيدة عن ويلات الوحدة داخل الفرن

ضحك عزو وسال الفران سؤالا غريبا اخر:

- ابو رامز قديش بدهم ليخلصو كياس الطحين يلي بالفرن

- وليش هالسؤال على كل هدول بيكفو شي اسبوع يلا الله يرضى عليك نام وانا حاجتي وبكرة بجي من ط.... الصبح
وبفيقك
قالها مازحا ولم يك يدري بالوجل الراكد في مستنقعات هذا البائس

في ليل الفرن شيء من ليال أندلسية
عبق الخبز المحروق  الأعمدة الخشبية  بيت النار الحجري
حتى النار لها بيت تأوي اليه

ولكن عزو الذي قرر الهروب للأمام  أخذ ينادي على الأرواح الثلاثة
لاول مرة أراد ان ياتو بطلبه هو وفعلا  اتو من خيالات الشباك وجلسوا أمامه كما سيدات القصر  فبادرته مايا:

- نحن نعرف لما طلبتنا لذا احضرنا كل جذور الحنظل واوراق التوت اليابسة  وقررنا ان نولم لك ونقص عليك ماذا حصل معنا

ولكن عزو قاطعها يريد ان يعرف اهم شيء في تفاصيل رحلته
لماذا هو .. ؟
سؤال جوهري منطقي يريحه اكثر من معرفة الحقيقة

- أنت لانك أنت
قد شدنا نور فؤادك من بعيد .. تخيل يا عزو
انت حديث الأروح دوما .. وفارس احلام كل المقتولات والميتات والغارقات حزنا
كل من هناك في برزخ الحلم
يخبر عنك الحكايا قبل النوم

لذا قررنا نحن الثلاثة انه لا يوجد قلب سيحمل ثقل حضورنا  الا انت

وتابعت روح سارة ..

نحن يا عزو ضحايا رفيق  .. هذا السادي المريض ..
له هالة من نور تجذب الى قعر النار
يمد لك المخمل ثم يخنقك بستارة من الشوك

قتلني انا ومايا وهذه المسكينة
قتلنا شبقا وجنونا

والآن انت ستكشف للناس من هو رفيق 

وتابعت الروح وهي توقد الفرن بلا حطب .. :
نخن من استدرجناك لذلك البيت القديم ..

- ولكن يا ارواح المصيبة انتم
هذا الذي أهذي به من الشعر كيف أتى الي سالهم عزو 

- انه انت
لا يأتي من السماء الا الوحي
اما الشعر فنحن فقط كشفنا غطاء القلب قليلا وهو حار
فخرجت أبخرة الكلمات تليها المعاني
الشعر انت يا عزو وحتى اذا ذهبنا فسيبقى معك الى أن يصير عزو غير عزوو

وأخرجت  رغيفا قرمزيا غريبا  اعطته لعزو فالأرواح لا تطهو الا الغريب

وبقي عزو وحيدا يفترش اكياس الطحين ولكنه بدأ يكتب قصيدة
تشرح كل ما حصل معه من بداية الخوف .. الى نهاية الخوف .. مرورا بالخوف
كتب فيها عن الأرواح الثلاث وعن رفيق القاتل وعن الشهرة التي إصابته فجأة وستذهب فجأة كما أتت

وخبأها في اخر كيس من اكياس الطحين وقال في نفسه

غزا سأذهب لأواجه رفيق  .. ساقف في وجه شيطان الشعر هذا .. وسأظهر للعالم أني انا المتشرد على النواصي هو من كان يلقي القصيد اما هو  فكل ما يملكه ان يغمض عينيه

ونام عزو على امل الحرب والموت .. ولكن بقصد الحياة

الجزء الثامن عشر

اهرب الى حيث حتفك
وابحث عن قبرك كي تتجنبه
لا تغمض عينيك على سكك القطار
شاهد الموت واقتحمه ثم غادره مسرعا

هذه كانت الخطة الآنية التي وضعها عزو بعدما عرف ختام الحقيقة وبقي عليه ان يعرف الطريق الذي سلكه الأجل
و كيف تسكع الموت حتى دنا من اليرقات الثلاث

حين أتى المساء كان الخوف والحذر قد لبس عزو معطفا
فقرر ان لا ينام في غرفته وساقته قدماه الى الفرن
وقف امام ابو رامز المغبر بياضا من الطحين فبادره عزو:

- اي ناقصني اشباح شو عامل بحالك ابو رامز

- ولا شي عّم اتحمم بالطحين بركي ببيضلي شوي
اجاب ساخرا وتابع عمله

- ابو  رامز ممكن نام اليوم بالفرن

استغرب الفران الكبير لهذا الطلب وخصوصا ان عزو صار شيئا يذكر ولكنه قرر القبول ليس حبا
بل خوفا من تشنجات عزووو وصولاته في عالم الغيب

- طيب عزو فوت ونام على هالكياس واكتبلي شي قصيدة عن ويلات الوحدة داخل الفرن

ضحك عزو وسال الفران سؤالا غريبا اخر:

- ابو رامز قديش بدهم ليخلصو كياس الطحين يلي بالفرن

- وليش هالسؤال على كل هدول بيكفو شي اسبوع يلا الله يرضى عليك نام وانا حاجتي وبكرة بجي من ط.... الصبح
وبفيقك
قالها مازحا ولم يك يدري بالوجل الراكد في مستنقعات هذا البائس

في ليل الفرن شيء من ليال أندلسية
عبق الخبز المحروق  الأعمدة الخشبية  بيت النار الحجري
حتى النار لها بيت تأوي اليه

ولكن عزو الذي قرر الهروب للأمام  أخذ ينادي على الأرواح الثلاثة
لاول مرة أراد ان ياتو بطلبه هو وفعلا  اتو من خيالات الشباك وجلسوا أمامه كما سيدات القصر  فبادرته مايا:

- نحن نعرف لما طلبتنا لذا احضرنا كل جذور الحنظل واوراق التوت اليابسة  وقررنا ان نولم لك ونقص عليك ماذا حصل معنا

ولكن عزو قاطعها يريد ان يعرف اهم شيء في تفاصيل رحلته
لماذا هو .. ؟
سؤال جوهري منطقي يريحه اكثر من معرفة الحقيقة

- أنت لانك أنت
قد شدنا نور فؤادك من بعيد .. تخيل يا عزو
انت حديث الأروح دوما .. وفارس احلام كل المقتولات والميتات والغارقات حزنا
كل من هناك في برزخ الحلم
يخبر عنك الحكايا قبل النوم

لذا قررنا نحن الثلاثة انه لا يوجد قلب سيحمل ثقل حضورنا  الا انت

وتابعت روح سارة ..

نحن يا عزو ضحايا رفيق  .. هذا السادي المريض ..
له هالة من نور تجذب الى قعر النار
يمد لك المخمل ثم يخنقك بستارة من الشوك

قتلني انا ومايا وهذه المسكينة
قتلنا شبقا وجنونا

والآن انت ستكشف للناس من هو رفيق 

وتابعت الروح وهي توقد الفرن بلا حطب .. :
نخن من استدرجناك لذلك البيت القديم ..

- ولكن يا ارواح المصيبة انتم
هذا الذي أهذي به من الشعر كيف أتى الي سالهم عزو 

- انه انت
لا يأتي من السماء الا الوحي
اما الشعر فنحن فقط كشفنا غطاء القلب قليلا وهو حار
فخرجت أبخرة الكلمات تليها المعاني
الشعر انت يا عزو وحتى اذا ذهبنا فسيبقى معك الى أن يصير عزو غير عزوو

وأخرجت  رغيفا قرمزيا غريبا  اعطته لعزو فالأرواح لا تطهو الا الغريب

وبقي عزو وحيدا يفترش اكياس الطحين ولكنه بدأ يكتب قصيدة
تشرح كل ما حصل معه من بداية الخوف .. الى نهاية الخوف .. مرورا بالخوف
كتب فيها عن الأرواح الثلاث وعن رفيق القاتل وعن الشهرة التي إصابته فجأة وستذهب فجأة كما أتت

وخبأها في اخر كيس من اكياس الطحين وقال في نفسه

غزا سأذهب لأواجه رفيق  .. ساقف في وجه شيطان الشعر هذا .. وسأظهر للعالم أني انا المتشرد على النواصي هو من كان يلقي القصيد اما هو  فكل ما يملكه ان يغمض عينيه

ونام عزو على امل الحرب والموت .. ولكن بقصد الحياة

الجزء الأخير

في انتظار اللقاء القاتل مع القاتل
يجب ارتداء ما يناسب لحظة الخوف تلك
وبما ان عزو لا يملك الا معطفه نفسه
قرر ان يرتديه

كان باستطاعته الهرب بعيدا او اللجوء الى النوم لمدة عشر سنوات
كان يقدر ان يتظاهر بالجنون
او باللف بالحارات كالمجذوب

لكنه الان
شيئا ما يذكر

المتنبي قتله بيت شعر
وهو سيقتله هذا الإلهام الذي عاشره خلسة
فأنجب شعرا

مشى الى حتفه عند سور الكاتب العظيم و بيده خطرات الغياب الكامل
وفي صدره أمنية الرجوع

ووصل الى حيث يقول له الخفاش
انا لا أستطيع الدخول فادخل انت

لم يكن البناء ابيضا كما كان
ولم يكن الرخام رخاما
حتى الحمام على الشرفة
ما كان حماما
كان كل شيء ليل
وكان الليل ظلاما

وعلى الباب الكبير كان رفيق ينتظر فاتحا ذراعيه لشريك الإبداع الاول
فاستقبله بعناق الشيطان
وقبله قبلة المجرم الواثق

ولما جلسا قال له رفيق:

والآن يا بئر الكلمات انت
لقد عرفت بعد الخط الاحمر والأزرق والليلكي
وصرت في فراغ الموت
لو بقيت جاهلا  لكنت الان على منصة التتويج كأحسن شاعر مجدد لهذا القرن
ولكنك اخترقت الحقيقة
لذا سيكون حتفك هو الحقيقة
فاختر كيف...

- كيف ماذا .. ؟  تقصد كيف اموت
هل تستطيع ان تغمرني بالشعر حتى اغرق مثلا

او تحرق الحروف التي بالشريان فاشتعل

او اطلق علي بيت شعر في رأسي حتى أبدو منتحرا

لاااااا هذا هراء الشعراء  قال رفيق وتابع:

- بالسكين يا شريكي بالسكين ذبحا وقطرات الدم ستسمعها وانت تلم حقائبك وتجمع شتات روحك الضعيفة
بالسكيين يا عزووو البسيط على عنقك الصدأ هذا
بالسكين على عظامك
بالسكين على الرغامى
بالسكين على الوريد

فارتجف عزو بقوة زلزال إيطالي قديم
وأخذ ينادي:

- بالسكين ولي حجة اطعام
عشرة مساكين
بالسكين يا مسكين
بدون صوت بدون انين
انا الساذج الأمين
بائع الروح الحزين
بالسكين وكأني اصلا
كنت احيا والآن اموت
بالسكين وطوال عمري
كنت في داخل التابوت

ثم صحا فجأة على أصوات تكبير في وتهاليل دينية تخص الجنائز
صحا عزو غارقا مشتعلا ولكن في عرقه
فجرى الى الشباك ليرى جنازة كبيرة في الحارة ومئات الناس يحملون النعش ويرددون: 

- قد مات وماتت معه القصيدة
فلماذا بعدك سوف نشتري الجريدة

وظل عزو مندهشا ثم نزل بسرعة ليمشي كأخر رجل في الجنازة
كآخر رجل ضاع بين الحلم والواقع وبين الحقيقة والخيال
فالتفت ورأى ابو رامز الفران يمشي بجانبه والذي اسرع وسأله:

- شو عزو  مفكر في غدا اليوم على روحو
ووينك صرلك اسبوع غايب ما شفناك
شو لقيت فرن تاني يعطيك رغيف

فوخزه عزو في كتفه وهو غاضب:

- خسئت يا هذا .. خسئت يا هذا
ووقع على الارض وهو يضحك كما مجنون عاد الى جنونه

خسئت يا هذا
بربي انا شاعر
لك تعالوا شوفو كيف طالعة معي
خسئت يا هذا
خسئت يا هذا

❤️❤️❤️

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دعني احبك كيفما اشاء بقلم ختام عمر

ليت أنفاس أيلول تدرك اني انتظرك. بقلم شبيلة مطر