سرقة. بقلم مهدي المبدر
*سرقة
لم أصدق يومًا بالنظرية التي تقول:أن الحب أعمى، إلاّ حين داهمني العشق بغير ميعاد، فعبثت رياحه بفؤادي، وغدوتُ بين غمزة وضحكة عاشقًا مُعذب، مُتعب من الوّله تتقاذفني الأشواق بعيدًا في بحر الغرام، ولا أعلم أهو القدر أم الحظ جعل تلك الحسناء التي صادفتُها بالسوق تبدأ معي حرب العشاق وترسل أول سِهامها بغمزةٍ أشعلت لهيب الغرام بأعماقي وضحكةٍ أسقطتْ قلبي من مكانه لتجعله يرفع راية الحب سريعًا، مُعلنًا الاستسلام لجمالِها دون أيّة مقاومة، وبلحظةٍ واحده تجعلني أضع العالم خلف ظهري وأكتفي بها، مثل المجنون اتبعُها خفية من شارع لآخر، متجاهلاً عيون الناس التي تصيبني بنظراتٍ تتراوح بين الاستفسار وفساد النية، اكتم أنفاسي للّا تشعر بي، وبداخلي أصرخ أيّتها الجميلة: لا تبتعدي رجاءً فقلبي حين راك تخلف عني، وروحي حمامةٌ مبتورة الجناحين لا تقوى على اللّحاق تركتها خلفي تتقلب على الشارع.
سرت وراءها، حتى إذ وصلتْ، وجدتني أطالع بشغفٍ جنوني بيتها، مُحبط من أعماقي على الباب الذي أخفى عني حبيبتي، وحتى لا يراني أحد فيفسد حلمي الجميل، أقفلتُ راجعًا تاركًا خلفي كلّي، ممنيًا النفس بأنّي سألتقي بحوريتي الساحرة، وليكن في الغد؛ الأمر يستحق المجازفة، ولا داعي للفرضيات مادمتُ قد حفظت شارعِها.
طول اليوم ظلت ذكرى صورتها تحرّق افكاري، ودون أن أقول شيئًا لأحد؛ قررت ان أجمع مدّخراتي، لأشتري قميصٍ جديد، آملا بهذا أنّ أشتري منها نظرة أخرى، فأنا لا أعرف بأيُّ سحر أصابتني؛ لتجعلني مغرم مجنون سائرًا على خطى العاشقين التأهين في الصحارى والوديان، ولا أدري كيف لفتاةٍ لم اكلمُها ولا حتى أعرف عنها شيئًا؛ أن تترك بغيّابها كل هذا الفراغ في داخلي؟
صوتها الذي لم أسمعه حتى افتقده؛ أفقد صوتي وجعلني منعزلاً عن أهلي وأصدقائي، ووجهها الذي لم أره من قبل؛ جعلني أكابد الصبر و الحنين، بانتظار الغد.
قضيتُ ليلي ساهِد تارة أعد النجوم؛ وكلما تراءت لي بينهّن أخطأت العد، وأخرى أسرّحُ جدائلَ الكلماتِ خلف جدران الخيالِ لتبدو انيقة حين تسمعها، لأغفو في نهاية الأمر وأملي الوحيد هو التحلي بما يكفي من شجاعٍة لتحدث معها.
في اليوم التالي، استيقظت وصورة وجهها التي طغت على أحلامي في تلك للليلة؛ هي أول ما رأيته بمخيلتي في الصباح، وصلتُ شارعهِا مبكرًا، وبقيتُ هناك على الرصيف لساعاتٍ طويلة، منتظرٌ رؤيتنا كعصفور ينتظر بزوغ الفجر؛ ليحلق بعيدًا بين الأشجار، انتظرتها تأتي، وحاولتُ البحث عن وجهها بين المارّة، وكان شيئًا ما في داخلي يقول لي: أنّها هناك، لعلها تراقبني على بعد أمتار قليلة، أو ربما هي في الطريق إليّ، وستكون أمامي بعد لحظات.....أسمع ضحكتها، فتتسارع دقات قلبي، وأحاول عبثًا الإمسّاك بضحكتِها؛ أنظر يمينًا يسارًا، ولا أراها، ليقتلني مرة أخرى حزن الإنتظار.
مستندًا على قاعدة "وليحدث ما يحدث" كدتُ أن أخلع ثوب الصبر مني والذهاب إلى بيِتُها، إلا أنّي رأيتُها تقترب مني، وضحكتها تعزف لحنًا غجريًا متناوب مع دقات قلبي، تلتصق بشابٍ وسيم، مرا من أمامي وكأنهما لا يروني: وحين كانوا يبتعدون سمعتها تحدثهُ عن مَخْبُول؛ لاحقها يوم أمس، فلم يكن أمامي إلّا أن أعود إلى بسطّتي الخشبيّة وسط السوق، دون أنّ اطالبها بقلبي وعقلي الذين سرقتْهما مني.
#مهدي_المبدر
لم أصدق يومًا بالنظرية التي تقول:أن الحب أعمى، إلاّ حين داهمني العشق بغير ميعاد، فعبثت رياحه بفؤادي، وغدوتُ بين غمزة وضحكة عاشقًا مُعذب، مُتعب من الوّله تتقاذفني الأشواق بعيدًا في بحر الغرام، ولا أعلم أهو القدر أم الحظ جعل تلك الحسناء التي صادفتُها بالسوق تبدأ معي حرب العشاق وترسل أول سِهامها بغمزةٍ أشعلت لهيب الغرام بأعماقي وضحكةٍ أسقطتْ قلبي من مكانه لتجعله يرفع راية الحب سريعًا، مُعلنًا الاستسلام لجمالِها دون أيّة مقاومة، وبلحظةٍ واحده تجعلني أضع العالم خلف ظهري وأكتفي بها، مثل المجنون اتبعُها خفية من شارع لآخر، متجاهلاً عيون الناس التي تصيبني بنظراتٍ تتراوح بين الاستفسار وفساد النية، اكتم أنفاسي للّا تشعر بي، وبداخلي أصرخ أيّتها الجميلة: لا تبتعدي رجاءً فقلبي حين راك تخلف عني، وروحي حمامةٌ مبتورة الجناحين لا تقوى على اللّحاق تركتها خلفي تتقلب على الشارع.
سرت وراءها، حتى إذ وصلتْ، وجدتني أطالع بشغفٍ جنوني بيتها، مُحبط من أعماقي على الباب الذي أخفى عني حبيبتي، وحتى لا يراني أحد فيفسد حلمي الجميل، أقفلتُ راجعًا تاركًا خلفي كلّي، ممنيًا النفس بأنّي سألتقي بحوريتي الساحرة، وليكن في الغد؛ الأمر يستحق المجازفة، ولا داعي للفرضيات مادمتُ قد حفظت شارعِها.
طول اليوم ظلت ذكرى صورتها تحرّق افكاري، ودون أن أقول شيئًا لأحد؛ قررت ان أجمع مدّخراتي، لأشتري قميصٍ جديد، آملا بهذا أنّ أشتري منها نظرة أخرى، فأنا لا أعرف بأيُّ سحر أصابتني؛ لتجعلني مغرم مجنون سائرًا على خطى العاشقين التأهين في الصحارى والوديان، ولا أدري كيف لفتاةٍ لم اكلمُها ولا حتى أعرف عنها شيئًا؛ أن تترك بغيّابها كل هذا الفراغ في داخلي؟
صوتها الذي لم أسمعه حتى افتقده؛ أفقد صوتي وجعلني منعزلاً عن أهلي وأصدقائي، ووجهها الذي لم أره من قبل؛ جعلني أكابد الصبر و الحنين، بانتظار الغد.
قضيتُ ليلي ساهِد تارة أعد النجوم؛ وكلما تراءت لي بينهّن أخطأت العد، وأخرى أسرّحُ جدائلَ الكلماتِ خلف جدران الخيالِ لتبدو انيقة حين تسمعها، لأغفو في نهاية الأمر وأملي الوحيد هو التحلي بما يكفي من شجاعٍة لتحدث معها.
في اليوم التالي، استيقظت وصورة وجهها التي طغت على أحلامي في تلك للليلة؛ هي أول ما رأيته بمخيلتي في الصباح، وصلتُ شارعهِا مبكرًا، وبقيتُ هناك على الرصيف لساعاتٍ طويلة، منتظرٌ رؤيتنا كعصفور ينتظر بزوغ الفجر؛ ليحلق بعيدًا بين الأشجار، انتظرتها تأتي، وحاولتُ البحث عن وجهها بين المارّة، وكان شيئًا ما في داخلي يقول لي: أنّها هناك، لعلها تراقبني على بعد أمتار قليلة، أو ربما هي في الطريق إليّ، وستكون أمامي بعد لحظات.....أسمع ضحكتها، فتتسارع دقات قلبي، وأحاول عبثًا الإمسّاك بضحكتِها؛ أنظر يمينًا يسارًا، ولا أراها، ليقتلني مرة أخرى حزن الإنتظار.
مستندًا على قاعدة "وليحدث ما يحدث" كدتُ أن أخلع ثوب الصبر مني والذهاب إلى بيِتُها، إلا أنّي رأيتُها تقترب مني، وضحكتها تعزف لحنًا غجريًا متناوب مع دقات قلبي، تلتصق بشابٍ وسيم، مرا من أمامي وكأنهما لا يروني: وحين كانوا يبتعدون سمعتها تحدثهُ عن مَخْبُول؛ لاحقها يوم أمس، فلم يكن أمامي إلّا أن أعود إلى بسطّتي الخشبيّة وسط السوق، دون أنّ اطالبها بقلبي وعقلي الذين سرقتْهما مني.
#مهدي_المبدر
تعليقات
إرسال تعليق