لما الكتب /// فاطمة ..
-لما الكتب!! ؟
-.... هناك مجموعة أطفال على هيئة ملاك مرسومة بألوان زيتية على سقيفة مذهبة بكاتدرائية في ايطاليا... من شدة روعتها لم استطع منع نفسي من تمرير أصابعي لاتحسس ملمسها ....يقولون أنهم جنود الحب والسلام...... ثلاث أيام بريف إيران ،الصباح هناك يثلج الصدر، البيت يطل على نهر رقراق وتتاخنه سلسلة أشجار وارفة الظلال.... لكن لباب البيت صرير مزعج خصوصا عندما يفتح قبيل الفجر... يصدر صوتا ينذر بالشؤم كوجه زوج *اقبال* الذي تنتظر عودته كل يوم من سهرات عربدته لينهال عليها بالضرب.....الجوع والبرد والتعذيب استمر لسبع سنوات... لسبع سنوات داخل معتقل في صحراء سيبريا المتجمدة..... استمر ذلك المحقق وأعوانه في اجتثاث الكرامة والانسانية من أنفس السجناء.... لسبعة سنوات ظللت أشاركهم تلك الزنزانة التي تتربع على خمسة أمتار لاغير.... بعض الرفقاء فقدوا سنين أو ثلاث خلال عمليات التحقيق وبعضهم انهال الشيب على رأسه وهم لم يتجاوزوا الأربعين من العمر بعد ....أما جلهم فقد فقدوا أرطالا من وزنهم يوما بعد يوم كما فقدوا أملهم في رؤية ضوء الشمس... إثنان منهم توفيا.... نعم قتلا ضربا و لم يتمكنا من المقاومة........""التضحية لاتكفي لتجعل من تحب يظل بقربك الحق أن من يحبك سيظل بجانبك دون تضحيات منك"" كانت " اليزابيث" تخبرني هذا ذات مساء وأنا أراقبها تقطع البصل لتعد العشاء لاطفالها ..لقد كانت محقة فبالرغم من كل تضحياتها لم تستطع الاحتفاظ بزوجها الذي أخذته امرأة أخرى منها ببساطة ،"اليزابيث" كانت امرأة عطوفة وحنونة وجاهلة تمام بمكائد النساء وخيانة الرجال...اشتقت أحاديثها المسائية كثيرا. ......أما العم أحمد فيحب أخذي للحديقة ...نجلس على مقعد خشبي نخرته أشعة الشمس وقطرات المطر...ويحكي لي عن طفلته التي فقدها بسبب الحرب ... "حياة".....لم يستطع نسيانها.،فقدانه لحياة أوجعه أكثر من فقدانه لذراعه وقدمه إثر الغارة على بيته...يحمل داخل عينيه حنين ثلاثين عام ودمعة تحجرت من شدة حرها.... اليوم أكمل العم أحمد إثنان وسبعين سنة بدون وطن ولا حياة ولا ذراع ولا قدم والمؤلم دون صغيرته حياة...لكنه مازال يحب الجلوس في تلك الحديقة يراقب الأطفال يلعبون داخل صندوق الرمل وعلى الأرجوحة ويسمع صدى ضحكة طفلته بينهم.......منذ ستة أشهر فقط انتقلت أمينة لأسلو،النرويج لتكمل دراستها الجامعية. ....كتبت الأمس بمذكراتها "لقد صادفت الكثير من العنصرية لكن ليس هنا حيث توقعت أن أجدها بل هناك في بلدي ،موطني ومسقط رأسي حيث يفترض بنا أن نكون إخوة ومسلمين.........."sweet dark" اسم مقهى بشارع هارلم نيويورك..... "جايكوب" هو صاحب المقهى..... رائحة الموكاتشينو التي يعدها تغزو غرفتي بشراسة.،أما الطعم فشيء آخر .....على طاولات مقهاه تتمخض الكثير من القصص لكن طاولة تلك الآنسة ذات الأهذاب الكثيفة والشعر الأحمر الناري ستكون أهم قصة بحياته.....
- ماذا حدث في قصة جايكوب.. ..!!! ؟
-هههه سافر لنيويورك واعرف بنفسك.....أقصد اقرأ الكتاب وستعرف.
-ههههه أفهم الآن كل هذا العشق للكتب..... هناك حياة كاملة في كل كتاب.
-....تماما....... هناك حياة كاملة في كل كتاب.
فاطمة. ا. ف.
تعليقات
إرسال تعليق